رواية الوسيم والقبيحة : الخاتمة
صوت خطوات قادم من بعيد ينتظره عشرات الناس الذين يجلسون على الكراسي في قاعة المسرح بانتظار خاتمة العرض
إقترب الصوت شيئا فشيئا حتى اعتلت خشبة المسرح فتاة شابة ترتدي ملابس أنيقة وتضع ربطة عنق ثم تنحنحت بهدوء لتبدأ التعريف عن نفسها
"مرحبا جميعا...أنا بثينة علي...هل أعجبتكم طريقتي الجديدة في تقديم خاتمة الروايات؟ لقد استأجرت لكم مسرحا خاصا واشتريت بذلة أنيقة وربطة عنق وكل ذلك بمصاريفي الخاصة ههههههه


"
"المهم...كيف حالكم؟
هل من جديد يذكر؟
وبما أنكم مارون من هنا فلا تنسوا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"
"أولا لنتحدث عن الرواية...ما رأيكم بها؟ هل أعجبتكم النسخة الجديدة؟ أعلم أنها أعجبتكم لأن النسخة القديمة كااااانت

مممم نوعا ما ممممممم سيئة...قد تقولون ليست سيئة لتلك الدرجة لكن بالنسبة لي فعليا هي سيئة

لقد مرت سنتين منذ كتبتها وأثناء تعديل هذه النسخة عرفت أنني حقا كنت سخيفة


كانت في النسخة القديمة أفكار غبية والإملاء كارثة وهناك جمل مكررة تشيب الرأس دون أن أذكر أن المنطقية والواقعية انتحرتا مما يوجد بها


صراحة لم أتحمل كمية الكرنج الموجودة فيها (كرنج = كلمة لوصف شيء سيء)...لكن من هذه الرواية تعلمت أن الإنسان دائما يرتقي بعقله نحو الأمام وبأن تفكيره لا يبقى هو نفسه خلال مراحل حياته...فكلما كبرنا كلما اكتشفنا أننا في الماضي فعلنا أمور مضحكة وغبية أو كتبنا أشياء نستغرب فيما كنا نفكر حين كتبناها"
"أما الآن فدعونا نتكلم عن العبرة من الرواية...وأول عبرة هي التنمر الواقعي والإلكتروني
بالنسبة للتنمر في الواقع فأنا أولى اللواتي تحاربن هذه الظاهرة الخطيرة (نعم خطيرة لا تتعجبوا

) قد لا تعرفون ذلك لكنني كنت من ضحايا التنمر في المدرسة الابتدائية والثانوية كذلك...أتذكر فتاة تدعى " حنين" (الإسم الغالي والمربط الخالي

) كانت تكرهني بدون أي سبب وتقول لي كلاما جارحا وتعاملني كأنني عدوتها مع أنني لم أفعل لها أي شيء...مرة جلست معي في الطاولة وأخذت كتابي لتقرأ به وحدها ومرة قامت برفع يدها علي لتضربني أمام السبورة على مرأى جميع طلاب الصف(هي لم تضربني حقا) وأنا كالغبية وقفت أتفرج عليها لأنني وقتها كنت جبانة...لكن أتحداها أن تكرر تلك الحركة أمامي الآن وأنا واعية فأقسم لكم أنني سأجعلها تعود للمنزل دون أسنان وشعر
فالعبرة من الرواية هي أن نضع أنفسنا مكان المتنمَر عليهم ونشعر بشعورهم وما يمرون به بسبب كلامنا الجارح وأيدينا السليطة...فسبب ارتكاب الناس لهذه الأمور هي الجهل وعدم الإحساس بالطرف الآخر...لكن إن نشرنا الوعي حول خطورة الموقف فقد نتمكن من إيقافه وأحببت أن أذكركم كمسلمين بقول رسولنا الكريم «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»
"أما بالنسبة للتنمر الإلكتروني فسأحكي لكم حكاية حصلت معي...ذات يوم بينما أقرأ رسائل المتابعين وآرائهم في الرواية لفت انتباهي رسالة تقول بأن روايتي مقرفة ولا تستحق حتى أن تنشر...أنا لم أظهر الرسالة لأنني لم أكن أريد أن أتسبب في أي تجاوز على أي متابع...الحقيقة أن الرسالة لم تزعجني ولم تجرحني بقدر ما أزعجني حال الشخص الذي أرسلها...تساءلت بيني وبين نفسي هل هو لتلك الدرجة محطم ويائس من الحياة لدرجة أنه يريد تحطيم كل من حوله! ربما أنا كبيرة وواعية وأعلم أنه مهما فعل الإنسان فلن يقوم بشيء كامل وسيتلقى نقدا حتى ولو كان مرتل قرآن...لكن ماذا لو أن هذا الكلام الجارح قيل لشخص حساس بذل كل جهده ووقته على ذلك العمل! ألن يتحطم! ألن يبكي! ألن يعتزل العالم فقط بسبب كلمة!
ببساطة ذلك الشخص الذي راسلني كان يمكن أن يقول لم تعجبني الرواية، هذا ليس نوعي المفضل من الروايات، لا أحب الروايات بل عندي اهتمامات أخرى...أو ببساطة بإمكانه أن لا يقول شيئا ويتجاهل الرواية حين يراها...لكن أن يقول أن عملي مقرف ولا يستحق النشر بعد أن سهرت لأيام وتعبت وعصرت دماغي وضيعت وقتي لأجله فهو أمر مثير للشفقة
هناك قصة أعجبتني أردت أن أنشرها لكم لعلكم تستفيدون منها
*كان هناك رسام قام برسم لوحة ووضعها في الشارع ووضع معها قلما وورقة مكتوبا فيها "إذا رأيت خطأ في هذه الصورة خربش عليها" من أجل تجربة اجتماعية...ثم عاد لمنزله وتركها وعاد إليها في اليوم الموالي ليجد أنها مليئة بالخرابيش...في اليوم التالي وضع الصورة في نفس المكان ووضع تحتها قلما وورقة مكتوبا فيها "إذا رأيت خطأ في الصورة صححه"...وذهب لمنزله وتركها هناك أيضا وعاد إليها في اليوم الموالي ليجد أن لا أحد لمس تلك الصورة سوى عدد قليل جدا مقارنة بعدد الأمس!
العبرة من القصة:
-الناس يتفننون في استخراج العيوب فقط وعندما تطلب منهم الحلول يتجاهلونك...إلا فئة نادرة
-الناس أنانيون...فيهم الناجح الذي لا يريد أن ينجح غيره...والفاشل الذي لا يريد ترك أحد ينجح...وندرة منهم يحبون الخير لغيرهم
-قبل أن تقوم بأي شيء إعرف أنه سيتم نقدك لذا كن قويا وصلبا وثق بنفسك"
"لم تدر الرواية حول موضوع التنمر فقط بل دمجت فيها العديد من المواضيع والعبر مثلا:
-مهما كنت ناجحا في شيء فالناس لن يذكروه بل سيركزون دائما على عيوبك...تماما مثل إيون فالجميع يتجاهلون حقيقة أنها مجتهدة ويركزون على شكلها ووزنها للسخرية منها
-علينا عدم السخرية من أحد أو التنمر على أحد لأن دوام الحال من المحال وإن انقلبت الأدوار سنكون نحن الضحية المرة القادمة ونندم على كل ما فعلناه
-علينا أن نكون صريحين مع الناس ونخبرهم الحقيقة التي تجرحهم أحسن من الكذب عليهم وتضييعهم وهذا يتجلى في قصة جاندي وشيومين
-وعلى ذكر جاندي فموقفها تعرض له الجميع وهو التمسك بالعلاقة الفاشلة لذا ركزوا جيدا في المغزى وافهموه
-في هذه الحياة من الصعب أن يتغير الإنسان دون دافع...فكما ظهر في الرواية فإن إيون قررت التغير أخيرا بعد أن تعرضت للكلام الجارح من أكثر شخص تحبه ورغم أن الجرح الذي تلقته مؤلم لكنه غيرها للأفضل...يمكنكم تطبيق هذه القاعدة في حياتكم دلالة على أن الضربة المؤلمة التي لا تسقطك تقويك"
"قبل أن أختم أردت سؤالكم...هل تبدوا لكم هذه المواقف المدرسية التي حصلت في الرواية مألوفة؟


مثل أن إيون تحتفظ بأي شيء يعطيه لها لوهان وأن يتم قراءة مذكراتكم كما حصل مع ييري وأن يعاقبكم المعلم كلوهان وشيومين أو يسمع أحدكم ما تقولونه عنه سرا مثلما حصل مع سولغي؟


طبعا هي مألوفة فقد حصلت للكثيرين منا وكمية الإحراج التي شعرنا بها حقا لا يمكن قياسها

لكن لا بأس


هي لن تبقى سوى ذكريات نتذكرها لنضحك
أخبروني إن كانت هذه المواقف حصلت معكم قبلا أو حصلت لكم مواقف مختلفة عنها...سيسرني أن أعرف كم من الناس لديهم روح رياضية ويبتسمون للمصائب مثلي


هذا كان كل شيء لليوم


أتمنى أن تكونوا استمتعتم بالرواية وضحكتم على المواقف المألوفة التي فيها
روايتنا هذه حطمت رقما قياسيا على الفايبر ب 26 لايك وعلى واتباد بثمان آلاف ونصف قراءة...أعلم أنكم ستضحكون من تفاعل الفايبر لكن فعليا أنا في الفايبر منذ سنوات وهذا الرقم يعتبر مذهل وهو أعلى رقم حققته بين كل رواياتي
وفي النهاية أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه...وانتظروا النسخة الإلكترونية للرواية


بثينة علي

النسخة الأصلية : من 9 نوفمبر 2019 إلى 30 ديسمبر 2019

النسخة المعدلة : من 25 ماي 2021 إلى26 جوان 2021

النسخة المنقحة : من 27 مارس إلى 7 ماي 2022