رواية فجوة : الفصل الحادي عشر
بينما جيسو في غرفتها طرقت عليها سيلا الباب ودخلت
-سيلا:مرحبا
-جيسو:مالأمر؟ تحولتي لمهذبة فجأة
-سيلا:حان الوقت لكي أغير من نفسي
-جيسو(بصدمة) :من أنتِ؟ لستِ أختي بكل تأكيد
-سيلا:لننهي كل الخلافات التي بيننا ونتصالح
-جيسو(بصدمة) :حسنا
أخرجت سيلا من جيبها أحمر شفاه وأعطته لجيسو
-سيلا:إنه أحمر شفاهي المفضل...بتقديمه لكِ أشعر وكأنني أقدم شيء من روحي...لكن كما قلتي فإنكِ خسرتي أحمر شفاهكِ المفضل أيضا وعلي تفهمك
-جيسو(بلطف) :أووه إنها أول مرة تكلمينني بهذا الأسلوب
أمسكت جيسو أحمر الشفاه وفتحته فوجدته مستخدما وعلى وشك الانتهاء
-جيسو(بتجهم) :يالكِ من مخادعة...أتعتبرين هذا هدية اعتذار؟
-سيلا:أعلم انه مستخدم لكن صدقيني فهو يعني الكثير لي
-جيسو:تشه...النية هي الأهم
-سيلا:متفقتان إذًا؟
-جيسو:هههه بلى
-سيلا(بحماس) :ويمكنني أن أنضم إلى مجموعتك؟
-جيسو:لا...أبدا...ولا في أحلامك
-سيلا(بتجهم) :تبا...إذًا أعيدي لي أحمر شفاهي
سحبته منها سيلا وهربت ركضا
-جيسو(بصراخ) :كنت أعلم أن كل هذا لأجل مصالحك
بعد أن عاد يونجاي للمنزل تناول طعامه وغير ثيابه وقبل أن يخرج رأى يونو يغادر الحمام
-يونجاي:مهلا...هل حللت مشكلتك؟
-يونو:وما علاقتك؟
-يونجاي:اممممم فقط أردت الاطمئنان على أمورك
-يونو:أحشر أنفك الصغير في مكان آخر
-يونجاي:كما تريد...آسف لتدخلي
فاجأتهما أمهما وهي تخرج من غرفة نومها فصمتا
-الأم:يونو...هل أنت جائع؟ هل أعد لك الطعام؟
-يونو:سآكل في الخارج
-الأم:أنت تتناول الطعام كثيرا في الخارج فلماذا لا تشاركنا؟ طعام المنزل صحي ولذيذ وتوفيري
-يونو:ربما لاحقا
-الأم:ومن فضلك عد باكرا لكي لا أقلق عليك
-يونو:حسنا
غادر يونو المنزل وعندما نظر يونجاي لوجه والدته رأى كم كانت حزينة وقلقة
-الأم(بحزن) :متى سأستطيع معانقته مجددا؟
-يونجاي(بابتسامة) :عانقيني أنا بدلا عنه
كانت دموع الأم على وشك الانهمار لكنها ابتسمت وعانقت يونجاي بحرارة
-الأم:أشكرك يونجاي...أنت الوحيد الذي يجعلني أشعر بأن الأمور على خير ما يرام رغم أنها أحيانا ليست كذلك
-يونجاي:لا تقلقي عليه...إنه كبير ويعرف كيف يهتم بنفسه
-الأم:أحيانا أشعر أنه ضائع ولا يعرف ما يفعل...على أحدهم أن يدله
-يونجاي:سأحاول معه...صدقيني سأبذل جهدي
-الأم:ممتاز...والآن بما أنك عدت فيمكنني المغادرة
-يونجاي:إلى أين؟
-الأم:خالتك مريضة وعلى شفا حفرة من الموت لذا سأذهب للاعتناء بها وقد أبقى في بيتها طويلا
-يونجاي:لكنكِ متعبة هذه الأيام...هل أرافقك؟
-الأم:لا...لديك دراسة...ثم لا تقلق...سأكون بخير وخالاتك الأخريات سيكن هناك ليساعدنني
-يونجاي:جيد...رافقتكِ السلامة
-الأم:إعتني بنفسك وكل من المطاعم لحين عودتي
-يونجاي:حاضر
بعد مغادرتها ذهب يونجاي لمنزل نانا وبمجرد أن دخل أوقفته عند الباب
-نانا:مهلا...أريد بطاقة هويتك
-يونجاي:ها! لماذا؟
-نانا:سر
-يونجاي:هل ستقومين برفع شكوى ضدي؟
-نانا:ههههههه لا أبدا...فقط أعطني إياها
أعطاها يونجاي بطاقته فنظرت إليها نظرة عميقة ثم أعادتها إليه
-يونجاي:جديا...لما تخططين؟
-نانا:هههه أخبرتك أنه سر...ستعرف في الوقت المناسب...لنلعب ألعاب الفيديو
جلس كلاهما أمام مشغل الألعاب وعندما أعطته نانا يد التحكم مد يده ليمسكها فظهرت الرسمة التي رسمتها له سيلا على معصمه
-نانا(بلطف) :أوووه يونجاي! هل حصلت على حبيبة؟
نظر لمعصمه وتذكر الرسمة فخبأ يده خلف ظهره
-يونجاي(بتوتر) :لا أبدا...ليس الأمر كما تظنين...لا أملك حبيبة
-نانا:أشعر بالغيرة
إنصدم مما سمعه ووسع عينيه ظانا أنها تغار عليه وتحبه
-نانا:أشعر بالغيرة لأنك مرتبط وأنا لا...إذًا ما هو هذا الشيء؟
-يونجاي(بتوتر) :صدقيني لست مرتبط...وهذه الرسمة...قصتها مختلفة تماما
-نانا:هههه أخبرني بها إذًا
-يونجاي(بتوتر) :حقا لا أريد التكلم عنها...فقط لنغلق الموضوع ونلعب الألعاب الإلكترونية
بدأ كلاهما بلعب الألعاب الإلكترونية وكالمعتاد كانت نانا الوحيدة التي تفوز...وبينما هما مركزان على اللعب رن هاتف يونجاي فترك اللعبة ليرى الرقم الذي يتصل به
-يونجاي:أليس هذا رقم الشرطة؟
-نانا:ها! مالذي حصل!
-يونجاي:لا أعلم...سأرى
فتح الخط ووضع الهاتف على أذنه وهو يرتجف من الخوف فقد أصابه شعور رهيب بأن هناك شيئا سيئا قادما على الطريق
-يونجاي:ألو
-الشرطي:تشا يونجاي؟
-يونجاي:بلى
-الشرطي:يؤسفنا أن نبلغك أنه حصل حادث سير مروع في أحد الطرق الفرعية وتأذى الكثير من الناس ووالدتك واحدة منهم...أتمنى أن تحضر للمستشفى المركزي للاطمئنان عليها
-يونجاي(بقلق) :شكرا...سأذهب فورا
أسرع يونجاي بارتداء حذائه وهو يرتجف ولم يكلم نانا عن أي شيء حتى قلقت عليه
-نانا:ماذا هناك!
-يونجاي(بقلق) :أمي أصيبت بحادث سير...أنا ذاهب لرؤيتها في المستشفى
-نانا:يا إلهي! سآتي معك
-يونجاي(بقلق) :هيا
رافقته نانا نحو المستشفى ولكن لم يسمحوا لهم بدخول قسم الطوارئ هم وكثير من الناس الذين جاؤوا ليطمئنوا على أهلهم...وبسبب عدد المصابين الكثير طُلب منهم الانتظار فترة من الزمن وحين ينتهون من كل المرضى سيخبرونهم بأحوال كل واحد منهم
-يونجاي(بقلق) :أتمنى أن تكون بخير
-نانا:ماذا عن أخيك؟ هل يعلم؟
-يونجاي:لا أظن...لو كان يعلم لأتى
-نانا:إتصل به
-يونجاي:لكنه مزعج
-نانا:عندي شعور أنه لا يعلم لذا اتصل به فورا
-يونجاي:حسنا
أخرج يونجاي هاتفه وتردد كثيرا لكن في النهاية اتصل بيونو
كان يونو وقتها يقف على قارعة الطريق يدخن سيجارة إلى أن ورده اتصال
-يونو(بسخرية) :تشه...أول مرة يتصل بي هذا المدلل...لا بد أن نهاية العالم قريبة
رد على المكالمة وأخذ نفسا قويا من السيجارة لكنه أوقعها حين سمع ما يقوله يونجاي
-يونجاي:يونو...أمي في المستشفى...لقد تعرضت لحادث سير وحياتها في خطر
لم يتمكن يونجاي من سماع شيء سوى صوت ارتطام ثم انقطع الخط
-نانا:ماذا قال؟
-يونجاي:لا شيء...أغلق الخط في وجهي
-نانا:ياله من لئيم! كيف لم يسأل عن صحة أمه حتى!
-يونجاي:دعينا لا نحكم عليه...ربما هو مصدوم أو أنه قادم الآن
-نانا:صحيح...لننتظر ونرى
حاول يونو السيطرة على نفسه لكنه أحس فجأة بالعالم يدور حوله وبأنه لا يقوى على الوقوف على قدميه...كان كل ما يراه هو صورة والده الذي مات في الحادث وهو مقطع لأشلاء وبسبب مخاوفه أحس أن أمه ستكون على نفس الحالة
إستند على الحائط ليوازن نفسه وسار بخطوات بطيئة إلى أن طلب سيارة أجرة وتوجه نحو المستشفى...طوال الطريق كان يرتجف ويهذي لدرجة أن سائق السيارة لاحظ ذلك وأعطاه قنينة ماء
وصل أخيرا للمستشفى وهذه المرة لم يستطع تحمل القلق لذا دخل هناك ركضا وتعثر بالدرج...ورغم شعوره بألم في ركبته نهض بسرعة وتوجه إلى قسم الطوارئ
كانت نانا تحاول مواساة يونجاي بشتى الوسائل إلى أن لمحت يونو يركض نحوهما ثم أمسك بيونجاي من ياقة قميصه مهددا
-يونو(بغضب) :أيها الوغد...إنه خطأك...لو أنك لم تسمح لها بالمغادرة لما حصل كل هذا
أمسكته نانا من يديه ودفعته بعيدا عن يونجاي
-نانا:لا تلم أخاك فهو الآخر لم يكن يعلم أن هذا سيحصل وإلا لمنعها من الذهاب
-يونو(بغضب) :لا تتدخلي
-نانا:حسنا...تمالك نفسك...لن أتدخل ما دام الوضع هادئا بينك وبين يونجاي
-يونو(بغضب) :إن حصل شيء لأمي فأنت من ستدفع الثمن
جلس يونو في كرسي بعيد عنهما وظل الجميع صامتين إلى أن جاءت الممرضة
الممرضة:من لديه مريض في الداخل؟
-يونجاي:أنا
-الممرضة:أعطني الإسم لو سمحت
-يونجاي:السيدة تشا هيجو
-الممرضة:إنها بخير...مجرد كسر في ذراعها نتيجة ارتطامها بالكرسي...يمكنك الدخول ورؤيتها
بينما يونو يستمع لذلك لم يبدي أي ردة فعل تذكر ثم استدار مغادرا لكن نانا لاحظت ذلك وأرادت التدخل
-نانا:لا تذهب...أدخل وتحدث مع والدتك
-يونو:لا شأن لك
-نانا:أعلم أنه لا شأن لي...لكن...من ردة فعلك عرفت كم تحب أمك وتخاف عليها...لا تتظاهر بالكبرياء وهيا ادخل
-يونو:للمرة الثانية لا شأن لك...مرة أخرى بعد وسأقول كلاما يجعلك تندمين
نغزها يونجاي من يدها لتتوقف لكنها لم ترضى ذلك قبل أن توصل جميع المشاعر والأحاسيس التي تنتابها
-نانا:إسمع...أعلم بخصوص ما حصل لوالدك وبأنه توفي أمام عينيك وتم إخراجه أمامك مقطعا لقطع...أعلم أنك تعاني منذ طفولتك خوفا من أن يتكرر ذلك المشهد...أنت تمتلك عقدة تجعلك تخاف التعلق بالناس مثلي تماما...أنا أيضا أخاف من الوقوع في الحب...لذلك فقط عليك تجاوز هذه العقدة...إذهب لأمك هيا فلا بد أنها تنتظرك
-يونجاي(بهمس) :نونا...من فضلك
-نانا:عانقها وقبلها على جبهتها وأخبرها أنها غالية عليك وتخاف فقدانها...فقط لا تدع شيئا من الماضي يحطم علاقتك بأمك لأنها إن أصابها مكروه أو رحلت فستندم طوال حياتك لأنك لم تعبر لها عن مدى حبك
بقيت نانا تنتظر رد فعل يونو وعندما استدار نحوها بدا في قمة الغضب
-يونو(بغضب) :أنت أيها الدلوع المدلل...هل أخبرت حبيبتك بمشكلتي؟ كيف تجرأت على ذلك؟
-يونجاي:ليست حبيبتي
-يونو(بغضب) :بالطبع ليست حبيبتك لأنك تكن لها مشاعر من طرف واحد...لقد تحديت أوامر أمك لأجلها وفعلت المستحيل فقط لتبقى بجانبها فلا تتظاهر بعكس ذلك أيها الحقير
إلتزم يونجاي الصمت فورا أما نانا فحدقت به منتظرة أن يجيب بشيء ما فهي لم تصدق ما تسمعه
-يونو(بغضب) :ها قد أفشيت سرا مهما من أسرارك...هل هذا ممتع؟ إذًا لماذا أفشيت سري؟ لما تكلمها عني أصلا؟ ما بالك أيها الوغد؟ تعرف جيدا أنني أكره أن يعرف الناس بقصتي فلماذا أخبرتها؟
لحسن الحظ تدخلت الممرضة وأوقفت الشجار وطلبت من الجميع التزام الهدوء
-يونو:سأخبرك بشيء أخير...هذه الفتاة التي تبوح لها بأسرار عائلتك ستترك في النهاية...أنت بالنسبة لها مجرد طفل...هل تسمع؟ طفل...لا تتوقع منها أن تبادلك الحب فهذا مستحيل...أحلم فقط بأحلام من مقامك وليس أكبر منك
غادر يونو المستشفى وترك الجو مشحونا بالطاقة السلبية...كان يونجاي بالكاد يستطيع رفع رأسه من الأرض لذا حاولت نانا تدارك الأمر وابتسمت بتكلف
-نانا:إذهب واطمئن على والدتك هيا...لا تقلق علي...سأعود للمنزل...حظا موفقا
هز يونجاي رأسه بالموافقة ثم أسرع لغرفة الطوارئ...بعد مغادرته خرجت نانا ووقفت عند باب المستشفى وبينما الرياح تلعب بشعرها أغمضت عينيها وتنهدت بحزن فقد أدركت أن شيئا ما سيتغير بينها وبين يونجاي منذ هذا اليوم
بينما يونجاي يتجول في قسم الطوارئ رأى الكثير من الناس الذين يعانون من إصابات بليغة والبعض منهم مغطى بغطاء أبيض والبعض الآخر على خير ما يرام...وفي النهاية رأى أمه مستلقية على أحد أسرة الإسعاف
-يونجاي:أمي!
-الأم:يونجاي عزيزي...ما هذا الغباء؟ لماذا لا يسمحون لي بالمغادرة؟ إنه مجرد كسر
عانقها يونجاي وابتسم من أعماق قلبه
-يونجاي:الحمد لله أنكِ بخير...كسر في الذراع لا يقارن بأولئك الذين وُضع عليهم الغطاء الأبيض
-الأم:لنعد للمنزل...هذا المكان لا يريحني ففيه الكثير من الدم
-يونجاي:فورا...سأوقع وأعود لآخذك
إصطحب يونجاي أمه للمنزل واشترى لها الطعام من الخارج ثم نامت بعد أن تناولته
بعد ان صعد لغرفته تفقد هاتفه فوجد رسالة من نانا تطلب منه أن يقابلها عند مدخل الحي لأمر ضروري
ذهب يونجاي للمكان المطلوب فوجد نانا تجلس تحت الشجرة التي احتفلا تحتها بعيد ميلادها وبدت غريبة وباردة الملامح
-يونجاي:لقد أتيت
-نانا:تعال...لدي سؤال مهم لك وأجبني بصراحة
-يونجاي:نعم؟
-نانا:هل ما قاله يونو اليوم صحيح؟
إلتزم يونجاي الصمت نهائيا وتركها تحدق به بترقب
-نانا(بحدة) :فقط تكلم...قلها...هل أنت حقا واقع في حبي؟
-يونجاي:بلى
إبتسمت نانا بسخرية واستدارت للاتجاه المعاكس لكن سرعان ما تحولت ابتسامتها لتكشيرة مرعبة
-نانا(بحدة) :لماذا فعلت ذلك؟ لماذا قررت تخريب صداقتنا الجميلة؟ لقد وثقت بك وائتمنتك على كل أسرار حياتي فلماذا خنت الأمانة؟ مالذي سنفعله الآن؟ لن نستطيع أن نخرج معا ونكون عفويين مع بعضنا...يونجاي...أنت حقا مثير للشفقة وبائس...
أنهت كلامها بصرخة عالية ولكنها لم تكتفي من توبيخه بعد
-نانا(بحدة) :هل كنت تنتظر مني حقا أن أحبك؟ مالذي تظنه؟ أنا أكبر منك بست سنوات...أنا وأنت سنكون أضحوكة أمام الناس...فقط إشرح لي مالذي فعلته بحقك حتى تخرب علاقتنا هكذا...أريد فقط ضربك وضربك ملايين المرات حتى تتعلم التصرف بعقلانية...توقف عن حبي لو سمحت لأنني لن أبادلك المثل...أبدا
-يونجاي(ببرود) :لقد فهمتِ الأمر بشكل خاطئ...أنا لا أنتظر منك الحب المتبادل...لقد استسلمت منذ زمن...ولم أكن أخطط حتى لأعترف لك...لقد أردت فقط أن أبقى بجانبك وأشجعك لحين تجدين شريك حياتك...كنت فقط أستمر بالعطاس حين تقتربين مني وهذا الشعور يحمسني...أعلم أن ما فعلته لا يغتفر لكنه لم يكن قراري...لقد انجذبت نحوك حتى دون أن أشعر...آسف حقا إن كان تصرفي الغير مسؤول هذا قد آذاكِ بأي شكل من الأشكال
-نانا(بحدة) :توقف عن الاعتذار...لا أحتاج اعتذاراتك...أحتاج فقط شيئا يغطي خيبة الأمل التي أشعر بها الآن
-يونجاي(ببرود) :أنا مثلك أعلم أن صداقتنا انتهت بخيبة أمل...آسف جدا...آسف مليون مرة وليس بيدي غير الاعتذار...تصبحين على خير
عاد يونجاي لمنزله واستلقى على سريره فبدأت تأتيه الذكريات التي تجمعه بنانا وأحدها يوم تقابلا أول مرة

قبل 11 شهر :
إنتقلت نانا للحي حديثا ولم تكن تعرف الكثير عن النقل والمرافق العامة...وعندما خرجت للعمل صباحا وقفت في موقف الحافلات ويونجاي بجانبها
-نانا:عفوا...هل لي بسؤال؟
-يونجاي:تفضلي
-نانا:الحافلة رقم 16 تمر من هنا صحيح؟
-يونجاي:بلى
-نانا:شكرا لك
صمت كلاهما ووقفا ينتظران الحافلة ولكن يونجاي شعر بشعور غريب حين تلاقت أعينهما بينما يتكلمات...كانت تلك المرأة جميلة جدا في نظره ولطفها وصوتها الرقيق هما ما زاداها جمالا
-نانا:هل تعيش في هذا الحي؟
-يونجاي:بلى
-نانا:أين منزلك؟
-يونجاي:هناك...إنه مطلي باللون الرمادي
-نانا:جميل...أنا أعيش بجانبه مباشرة...أمر مذهل أن أتعرف على جيراني بهذه الطريقة...إسمي آهن نانا...ما اسمك؟
-يونجاي:تشا يونجاي
-نانا:تشرفت بك...واسمك أيضا لطيف جدا...سأحاول حفظه
-يونجاي:شكرا
-نانا:في أي صف تدرس؟
-يونجاي:السنة النهائية في الثانوية
-نانا:جيد...إهتم بدراستك جيدا...أنا تخرجت منذ سنوات وأعمل في شركة هواتف
-يونجاي:بالتوفيق
-نانا:ههههه آسفة لأنني أتحدث كثيرا معك منذ أول لقاء...هذه عادتي...أتكلم كثيرا وأسأل كثيرا وأحب تكوين الصداقات...أرجوك لا تظن أنني غريبة أطوار
-يونجاي:لا أبدا...لم أظن ذلك
توقفت الحافلة التي تقل نانا فانحنت ليونجاي ثم ركبتها
-نانا:نهارا سعيدا...إعتني بنفسك
بعد أن صعدت الحافة أحس بسعادة غامرة وابتسم تلقائيا...عادة هو لا يأخذ أي انطباعات عن الناس من أول مرة لكن تلك الشابة جعلته يشعر بكمية اللطف والإيجابية والقلب الابيض الذين تمتلكهم





بينما يونجاي يفكر في ذكرياتهما معا ويتألم كانت نانا هي الأخرى جالسة على الكرسي بقرب النافذة وتحدق بالخارج...كان الظلام دامسا في السماء كسواد قلبها ذاك اليوم لذا شعرت باكتئاب قاتل...فجأة عاد لها شعور الوحدة القديم...شعور أن لا تجد أبدا من يفهمها ويساندها حين تكون حزينة...لم يكن لديها سوى يونجاي ولكنه الآن غير موجود
مررت أصابعها على زجاج النافذة وهي تتنهد بعمق ومع كل تنهيدة تشعر أن صدرها يضيق بدل أن يتسع...ربما صداقتها بيونجاي آذتها أكثر مما آذاها الحب
هكذا وببساطة انتهت روايتهما معا وقد تقرر أن يكون ذلك اليوم هو آخر صفحة تجمعهما معا
عاد يونو للمنزل في وقت متأخر فوجد يونجاي ينتظره في غرفة المعيشة ويشاهد التلفاز
-يونجاي:في حال أردت أن تعرف فهي بخير وقد نامت منذ فترة طويلة
-يونو:أعلم ذلك...لقد تعمدت المجيء بعد موعد نومها
-يونجاي:ما فعلتَه اليوم كان قذرا جدا وبسببه خسرت صداقة الآنسة نانا...لكن لن ألقي اللوم سوى على نفسي لأنني أنا من بدأت تسريب أسرارك
-يونو:جيد أن تعترف بخطأك...هذا سيعلمك أن لا تتدخل في شؤوني مرة أخرى
-يونجاي:هل ستذهب عند أمي أم ماذا؟
-يونو:سأفكر بالأمر
-يونجاي:لا تستغرق كثيرا للتفكير فأمي حساسة وستنجرح إن لم تطمئن عليها في محنة كهذه
-يونو:لا تملي علي ما أفعله أيها المدلل
-يونجاي:حسنا حسنا...لكن فكر بعقلانية أرجوك...أفعالك تؤذي أمي بطريقة غير مباشرة...لقد أخبرتني اليوم أنها تريد معانقتك...فقط تخلى عن القليل من كبريائك وعانقها
-يونو:أوووف يالك من متفلسف...قلت لك سأفكر في الأمر
-يونجاي:كما تريد...تصبح على خير
حدق كل منهما بالآخر لعدة لحظات ثم ذهبا لغرفتهما للنوم...بينما كانا يتناقشان كانت والدتهما مستيقظة وقد استمعت لكل حديثهما وهي الآن تشعر بالفضول أكثر لمعرفة ما يحصل بينهما وما علاقة نانا بالموضوع
قبل أن يستلقي يونجاي في سريره نظر عبر النافذة فرأى الضوء الخاص بغرفة نوم نانا ما يزال شغالا...حتى هي الأخرى لم تتمكن من النوم باكرا
-يونجاي(بهمس) :ليلة سعيدة...نونا...كما لو أننا لم نتخاصم من الأساس...ربما ستغيرين رأيكِ غدا