القاتلة الصامتة : الجزء الأول
بداية جديدة...صفحة بيضاء...هذا ما كانت بطلتنا "بارك مينا" تتوق إليه بعد أن عاشت ماضٍ مليئا بالألم والوحدة والمرض النفسي وفقدان أعز الناس على قلبها...والديها وأختها الكبرى ماريا
ليس من السهل أبدا نسيان الماضي والمضي قدما مع كل تلك الندوب والآلام...لكن مينا حرصت على أن تعيش لأجل شخص واحد فقط وهو الشخص الذي تأكدت مليونا بالمئة بأن حياتها تهمه...وحتى أنها رهنت حياتها بحياته...فيا إما أن يعيشا معا أو يموتا معا
مرت أشهر منذ تقدم جين لخطبة مينا وهما الآن يعيشان حياة سعيدة معا...لقد اتفقا أن يتجاهلا أي شيء يخص الماضي ويمحواه نهائيا وحتى حقيقة أنها قاتلة متسلسلة قد اختفت أدراج الرياح كما لو أنها لم تكن
أنهت مينا عملها الساعة الثامنة مساءا وتجهزت لمغادرة المتجر والعودة للمنزل...وبينما تغير الزي الرسمي للمتجر رأت رجلا يمر بواجهة المتجر الزجاجي ويحدق بها بنظرات غريبة لذا بقيت تحدق به حتى مر
لم تكن نظرات ذاك الرجل ما جذب اهتمامها بل هي متأكدة أنها رأته من قبل يحوم بالمكان
-مينا(تفكر) :هل يعقل أنه ينوي سرقة المحل؟! هل لأنه رآني امرأة ضعيفة فقد ظن أنه من السهل أخذ المال مني! تشه...يبدو أنه لم يعرف بعد مع من علق
غيرت ثيابها وخرجت من المتجر...وبينما تغلق البوابة بالمفتاح رأت نفس الرجل يعود ناحيتها لذا استدارت نحوه
-مينا(بحدة) :إلى ماذا تنظر؟ ألم ترى بحياتك فتاة تعمل في متجر ملابس؟ فقط حاول سرقة المفتاح مني وسأبرحك ضربا
-هونغ(بتوتر) :آسف...لعلني أخفتك...إسمي هونغ وقد افتتحت مشروعا لبيع الملابس عبر الإنترنت وتمنيت لو أنكِ تكونين عارضة مروجة لملابسنا...رأيتكِ من قبل وأعجبت بقوامك الممشوق وجسدك الرياضي
-مينا:آه...هكذا إذًا؟! ظننت أنك تحاول اغتيالي...لكن لما لم تدخل للمتجر وتخبرني؟
-هونغ:لا أعلم...كنت مترددا قليلا...لا أظنكِ ستوافقين...هذه بطاقتي
أعطاها بطاقته التي عليها عنوان منزله ورقم هاتفه فأمسكتها وتفقدتها لبعض الوقت
-هونغ:سأكون بانتظارك في منزلي...راتبك طبعا سيكون ثلاث أضعاف ما تجنينه في هذا المتجر كمجرد بائعة...وطبعا لستِ مضطرة لترك عملكِ هنا ومنها تحصلين على وظيفتين وتكسبين مالا أكثر
فجأة شعرت مينا بالغرابة خاصة وأنه من الغريب أن يعرف كم تجني من مال في متجرها
-مينا:شكرا...سأفكر بالأمر
توجهت نحو المنزل واستلقت على الأريكة وهي تقرأ من البطاقة ثم حملت هاتفها واتصلت بخطيبها "جين"
-مينا:ألو...كيف حالك؟
-جين:بخير
-مينا:أين أنت الآن؟ لدي قصة غريبة لأحكيها لك
-جين:لقد غادرت المدينة لزيارة جدي وجدتي
-مينا:مؤسف...أردت رؤيتك بشدة
-جين:أنا في الميترو الآن وسأكلمكِ حين أصل...باي
-مينا:حسنا
عادت مينا للتحديق في البطاقة وشعرت بالريبة ناحيتها لكنها رغم ذلك تريد تلك الوظيفة لأجل جمع المال وتأمين مستقبل جيد لها
بعد طول تفكير أخذت البطاقة وذهبت لعنوان المنزل الذي ذكر فيها وكان موقعه في مكان بعيد ومنعزل قليلا عن السكان
طرقت الباب عدة مرات ففتح لها هونغ
-هونغ:تفضلي...كنت بانتظارك
دخلت مينا أولا ثم وقفت عند خزانة الأحذية لتخلع حذاءها وحينما انحنت شعرت بهونغ يقترب منها من الخلف ويحاول إمساكها فضربته بمرفق ذراعها في بطنه وتراجع للخلف متألما
-مينا(بحدة) :عرفت أن هناك شيئا ما منذ أن رأيتك تحوم بالمتجر الذي أعمل فيه
-هونغ(بألم) :فتاة سخيفة...ربما علي استعمال العنف معك
أخرج من جيبه سكين ثم وجهه في وجهها ووقف أمام الباب يسد عليها الطريق الوحيد للخروج
-مينا(بحدة) :تريد العنف؟ لك ذلك
ركضت نحوه بسرعة وركلت السكين برجلها فانغرز في الحائط ثم سددت لكمة قوية لوجهه أسقطته فيها على الأرض...بعد أن تأكدت من أنه مشغول بألم وجهه فتحت الباب وخرجت راكضة نحو المنزل
في يوم الغد ذهبت مينا نحو العمل صباحا وهي تكلم جين على الهاتف
-مينا:أقسم لك كما أخبرتك...لقد حاول اغتيالي
-جين:عليكِ إبلاغ الشرطة عنه
-مينا:لا حاجة...لقد أبرحته ضربا بالفعل وإن تجرأ وظهر أمامي مجددا فسأبلغ عنه
-جين:لا يجب أن تتهاوني في أمور كهذه
-مينا:لا تقلق...أنا نسوية وقادرة على الدفاع عن نفسي أم أنك لا تثق بقدراتي؟
-جين:هههههه حسنا...أخاف على المجرمين منك...نسيت أنكِ مينا القوية التي أدت العديد من المهمات بقوة وبراعة
-مينا:أحسنت...أنا...
لاحظت مينا في أعلى أحد أعمدة الكهرباء أن هناك رجلا يرتدي ملابس عامل كهرباء لكنه ينظر نحوها بنظرات غريبة كما لو أنه يراقبها
-مينا(بهمس) :سأكلمك لاحقا...باي
أغلقت عليه الخط ثم أسرعت نحو المتجر الذي تعمل فيه وبقيت تراقب عبر زجاج الواجهة
-مينا:غريب! الجميع يتصرف بغرابة هذه الأيام ويحدقون بي
بعدها بلحظات ضربت جبينها بيدها
-مينا:لا...لا أعتقد أن أحدا مهتما بي...أنا فقط أظن أنني مركز العالم لأنني لم أشفى من أمراضي النفسية بعد
واصلت عملها في المتجر كبائعة وعرضت الملابس على الزبائن وساعدتهم في تجربتها وفي نهاية اليوم شعرت بالملل لذا خرجت مع كيسو لتناول الطعام في المطعم
-مينا:صديقتي...منذ زمن لم نلتقي...أعلم أنكِ مشغولة بالدراسة لذا لم أرد إزعاجك
-كيسو:نعم...أفتقدكِ كثيرا...هذه الأيام لم أعد أخرج مع أحد
-مينا:ماذا عن سيهون؟
-كيسو(بتجهم) :إنفصلنا
-مينا:لأجل ماذا؟
-كيسو(بتجهم) :إنه مغرور ويقول كلاما سخيفا مثل أنه وسيم وأنا متوسطة الجمال لذا لا نناسب بعضنا...قال أيضا أنني قصيرة جدا وهو طويل وينزعج حين...تعرفين
-مينا:أعرف ماذا؟
-كيسو(بتجهم) :حين يضطر للانحناء لأجلي فيشعر بأن رقبته تؤلمه...لهذا انفصلنا
-مينا:سبب تافه
-كيسو(بتجهم) :قد يبدو كذلك...لكن مشاعري انجرحت
-مينا:هذا من حقك عزيزتي...إفعلي ما تريه مناسبا لراحتك ولا تتمسكي بمن يؤذيك حتى لو كنتِ لا تحبينه...هذا أول وأهم قانون في النسوية
-كيسو:معكِ حق
-مينا:دعينا من الشباب ولنحتفل
-كيسو:أوووه أعشق الاحتفال...هيا بنا
تناولت الفتاتين العشاء وقضيتا وقتا ممتعا وهما تتحدثان وتضحكان إلى أن قارب منتصف الليل وعادت كل منهما عبر طريق المنزل
بينما مينا تسير عبر الشوارع شعرت بصوت أحد يسير خلفها...ولم يكن الصوت مجرد تخيلات لأنها حين نظرت خلفها وجدت رجلا يتبعها ثم توقف حين التفت إليه
بسبب خوفها صارت تركض بسرعة لكن رجلا آخر ظهر أمامها لتصبح محاصرة بين رجلين
-مينا(بحدة) :يبدو أنني بالفعل مركز العالم وليست مجرد تخيلات...سأريكما
عادت للخلف وقامت بإمساك الرجل من ذراعه وأدارته بقوة حتى سمعت صوت عظامه تتكسر...بعدها دفعته على الثاني الذي جاء يركض نحوها وسقط الاثنين على الأرض...وبينما هما ضعيفان انتهزت الفرصة وركضت بعيدا نحو منزلها
نهض الرجلين من الأرض ووضع أحدهما إصبعه على السماعة اللاسلكية التي في أذنه
-الرجل:سيدتي...لقد حاولنا معها بالفعل لكنها حذرة للغاية وتتقن الفنون القتالية أفضل منا...ماذا نفعل؟
-مجهولة:دعها لي...سننتقل للخطة "ب" وأراهن أنها ستأتي نحونا بنفسها
منذ تلك الليلة أصبحت مينا حذرة للغاية وتراقب كل صغيرة وكبيرة من حولها...كل تلك السنوات الماضية في القتل والتجسس والتعقب كانت بمثابة تدريب لها على الحذر والخروج من أي موقف خطر
كان يوما خريفيا هادئا كأي يوم من الأيام...ما زاده جمالا هو مزاج مينا التي تشعر بالسعادة والرخاء في ذلك اليوم لأنها ستقابل خطيبها جين أخيرا بعد غيابه عنها لأيام بسبب ذهابه لزيارة جده وجدته
أنهت عملها في متجر ملابس وبينما تستعد للمغادرة وصلها اتصال من خطيبها جين
-مينا:مرحبا...هل اشتقت إلي؟
-جين:كثيرا...أنتظرك بفارغ الصبر
-مينا:أين أنت؟
-جين:في منزلك...أنسيتي أنني أملك نسخة المفتاح؟
-مينا:أعلم...سآتي بسرعة لكي لا تنتظرني كثيرا...باي...أحبك
أرسلت له قبلة على الهاتف ثم حملت حقيبتها وتوجهت للمنزل بسرعة...طوال الطريق كانت تبتسم وتتخيل لحظاتها مع حبيب قلبها الذي اشتاقت حقا لرؤية ملامحه اللطيفة
عادت للمنزل أخيرا فوجدته فارغا تماما رغم أن جين أخبرها أنه ينتظرها هناك...ظنت أنه خرج لشراء غرض ما لذا انتظرته بينما تشاهد التلفاز وتأكل
بعد أن أنهت طعامها استغرقت في النوم ولم تنتبه للساعة حتى عرفت أنها العاشرة ليلا فنهضت بسرعة
-مينا:غريب...جين لم يعد للآن! علي الاتصال به
أخذت هاتفها من على الطاولة واتصلت بجين لكنها صدمت حين سمعت صوت الهاتف يرن بالقرب منها
-مينا(بصراخ) :جين...هل أنت هنا؟
لم يرد عليها أحد لذا صارت تلتف حول نفسها محاولة تتبع أثر الصوت
-مينا(بصراخ) :جين...إياك وإخافتي وإلا سأقتلك...تعرف أنني أكره هذا النوع من المقالب...إظهر فورا
لم تتلقى أي رد مجددا لذا سارت على أصابعها وتتبعت الصوت فأخذها للحديقة الأمامية ووجدت هاتف جين مرميا على العشب
-مينا(بتجهم) :الغبي...لقد أوقع هاتفه...علي فقط انتظاره ليعود ثم...
قاطعها صوت هاتف جين وهو يرن مجددا ولكن المتصل لم يكن هي ولا أي أحد من معارفه بل كان رقما مخفي
-مينا(باستغراب) :الوضع يزداد غرابة...ترى مالقصة؟
فتحت الخط ووضعت الهاتف على أذنها فسمعت أصوات تنفس
-مينا:ألو...من هناك؟
-مجهولة:بارك مينا
-مينا:نعم؟
-مجهولة:أعلم أنها أنتِ...لا بد أنكِ خائفة على خطيبك الوسيم
-مينا(بحدة) :مالذي يجري! أهذا مقلب من جين؟!
-مجهولة:ههههههههه بلى...واصلي أحلامك
-مينا(بحدة) :من تكونين!
-مجهولة:شخص لا يمكنكِ توقعه...أعرف كل شيء عنكِ يا زهرة البنفسج...أعرف كل ضحاياك وتاريخ قتلكِ لهم والأدوات المستعملة
-مينا(بحدة) :تبا! كيف عرفتي كل ذلك؟!
-مجهولة:دائما في ساحة الجريمة المجرم ينسى تفصيلة صغيرة تكشفه...للصراحة أنتِ تعجبينني كثيرا فقد قتلتي عددا هائلا من الناس دون أن تكشف الشرطة أمرك...أنتِ حقا ذكية...لكنكِ وقعتي في يد الشخص الخطأ صدقيني
-مينا(بحدة) :مالذي تريدينه مني؟
-مجهولة:إنه سر...ولن أخبركِ من أنا...لكن صدقيني حين أقول أنني أملك كل الأدلة التي تثبت تورطك في مقتل كل أولئك الأشخاص ومتى أردت سأرسلها للشرطة
-مينا(بحدة) :أيتها الحقيرة...
-مجهولة:هشششش لا تنسي أن لدي رهينة تخصك
-مينا(بحدة) :حسنا لا يهم إن دخلت للسجن...لكن ماذا عن خطيبي؟ ما علاقته بكل القصة؟
-مجهولة:هههههه سأقوم باستضافته بطريقة لطيفة
فجأة سمعت مينا صوت ضرب في الخلفية وصرخ جين بقوة
-مينا(بحدة) :دعيه وشأنه...أخبريني فقط مالذي تريدينه مني؟
-مجهولة:لن تعرفي مقصودي حتى نتقابل وجها لوجه
-مينا(بحدة) :تبدين مختلة عقليا
-مجهولة:ليس مثلك...يا ثنائية القطب...أظن أن الوقت حان لتعترفي بمرضك
-مينا(بحدة) :لم أعد مريضة...صحتي الآن أفضل من صحتك...إذهبي وتعالجي واتركي الناس وشأنهم
-مجهولة:هههههههههه تقولين ذلك لأنكِ ضعيفة أمامي...حبيب قلبك سيموت
-مينا(بحدة) :من الأخير قولي ما تريدينه مني
-مجهولة:جثتك...لديكِ أسبوع واحد لتسلمي نفسكِ لي وحينها لن يتأذى خطيبك...أما إن تأخرتي بعد هاته المدة ففي كل ساعة سأقطع عضوا من أعضائه
-مينا(بصراخ) :مجنونة
-مجهولة:سأبدأ بأصابع يديه...ثم قدميه...ثم أطرافه...ثم أواصل إلى أن يصبح مجرد قطع لحم
-مينا(بصراخ) :هذه قمة الدناءة
-مجهولة:هههههههه أعلم...لا تفيد معكِ سوى الدناءة...عليكِ تسليم نفسكِ بالذهاب لمنزل ذاك الرجل الذي عرض عليكِ وظيفة أول مرة
دخلت مينا المنزل وصارت تطوف ذهابا وإيابا من شدة الخوف والتوتر...لم يكن بيدها سوى تسليم نفسها لإنقاذ جين ولكنها خائفة من الموت خاصة بعد أن كادت تموت المرة الماضية ونجت بأعجوبة
-مينا(بحزن) :ربما حان الوقت لعودة زهرة البنفسج...لكنني لا أريد أن أصبح قاتلة مجددا...سأمرض وأدخل مستشفى الأمراض العقلية مجددا
نظرت ليديها المرتجفتين لفترة ثم ألقت نظرة على الحائط...كان هناك صورة لها هي وجين معلقة في إطار...إقتربت منها ومسحت على وجه جين بسبابتها وسالت الدموع من عينيها
-مينا(ببكاء) :لقد أنقذ حياتي...لذا علي أن أنقذ حياته
رفعته رأسها بسرعة ومسحت دموعها ثم فتحت الإنترنت من الحاسوب...توجهت مباشرة إلى الإنترنت المظلم وفتحت الصفحة على موقع يبيع الأسلحة والذخيرة وأدواة القتل
أولا قامت بطلب رذاذ منوم ورذاذ حارق للعيون وطلبت مسدسا كاتما للصوت وآداةً تشبه الخيط يستخدمها القتلة المأجورون لخنق الضحية من الخلف بحيث لا يستطيع إصدار أي صوت حتى يموت
كانت مدة التوصيل حوالي ثلاث أيام لأسبوع لكنها دفعت مبلغا أكبر ليتم إيصال طلبها بسرعة
-مينا(بثقة) :حان الوقت لوضع النقاط على الحروف...زهرة البنفسج ستعود...لكن ليس بهذا الإسم...سأكون "القاتلة الصامتة" مؤقتا ضمانا لبقاء جين بخير...لكن حين أصل لتلك الوضيعة سأقتلها بوحشية
في صباح اليوم التالي استيقظت مينا وفتحت باب منزلها فوجدت علبة بريدية موضوعة أمام صندوق بريدها...نظرت يمينا وشمالا وأدخلتها للمنزل فوجدت بها الأسلحة التي طلبتها أمس
مينا(بثقة) :جيد...لنبدأ مهمتنا الآن
ثاني ما فعلته أنها خرجت للحي وصارت تنظر من حولها بحثا عن كاميرا مراقبة موضوعة على منزلها...وفي النهاية وجدت أن كاميرا جيرانها تصور واجهة منزلها لذا ذهبت إليهم وطرقت الباب
بعد لحظات خرج إليها عجوزان يعيشان في المنزل
-مينا(بلطف) :مرحبا جدي وجدتي...أنا مينا من المنزل المجاور هل تذكرانني؟
-الجد:لا
-الجدة:دعكِ منه فلديه زهايمر...كيف أساعدك؟
-مينا:آسفة لازعاجكما لكن هل يمكنني رؤية ذاكرة كاميرا المراقبة الخاصة بكما؟ هناك أطفال يدخلون حديقتي ويخربونها أثناء ذهابي للعمل وأريد الإمساك بهم
-الجدة:أووه هذا سيء! لو كنت مكانك سألقنهم درسا حين أمسكهم
-مينا:هههههههه نعم سأفعل ذلك بمجرد معرفة من هم
-الجدة:دقيقة
ذهبت الجدة للداخل وأحضرت لها الذاكرة التي تحتوي تسجيلات كاميرا المراقبة
-مينا:شكرا لتعاونك معي أيتها الجدة
ركضت مينا نحو المنزل وقامت بوصل الذاكرة بالحاسوب وبقيت تراقب منزلها وكل القادمين والذاهبين حوله...وفي الساعة الرابعة والربع رأت جين وهو يدخل منزلها وبعد دقائق توقفت سيارة سوداء أمام منزلها وقاموا باستدراجه للكلام معهم بجانب سيارتهم ثم نوموه وأدخلوه السيارة وذهب أحدهم لحديقة منزلها ورمى هاتفه ثم غادروا جميعا
-مينا:مجموعة رجال يرتدون بدل رسمية...لا بد أنهم حراس شخصيون...لكن عند من يعملون يا ترى؟!
قامت بتكرار مشاهدة الفيديو ولحسن الحظ تمكنت الكاميرا من تصوير لوحة السيارة من الخلف
-مينا:لا أعلم من هم هؤلاء وماذا يريدون مني...لكنهم ليسوا بالغباء الذي يجعلهم يتركون رقم سيارتهم واضحا للجميع...يا إما أن اللوحة مزورة أو أنهم يتقصدون ترك الخيوط لي لأجدهم
فكرت للحظات باحثة عن الإجابة لكنها لم تجدها...أمور كهذه لا يمكنها التدقيق فيها لأنها ما تزال غامضة بالنسبة إليها
-مينا:لعل هناك من سيساعدني...
قاطعها صوت هاتف جين الذي يرن في يدها وكان المتصل هو سيهون أخ جين الأصغر...لم ترد عليه رغم أنه رن لعدة مرات...وفي النهاية اتصل بها على هاتفها
-مينا:ألو...نعم سيهون
-سيهون:مرحبا مينا...هل جين عندك؟ لم ينم في المنزل أمس فظننت أنه نام في منزلك
-مينا:امممم لا...لم ينم في منزلي
-سيهون:حسنا...أين هو؟ ولما لا يرد على اتصالاتي؟
-مينا:لا تقلق...هو في مكان آمن أعدك بذلك
-سيهون:ماذا تقصدين؟!
-مينا:المهم أنه بخير...هو خارج المدينة الآن لذا لا تزعجه
-سيهون:آااه...حسنا
-مينا:باي
أغلقت مينا الخط بسرعة مما جعل الشكوك تساور سيهون لذا اتصل بكيسو وتقابلا في المقهى
-كيسو(بتجهم) :احم احم...ماذا تريد يا حبيبي السابق؟
-سيهون:لم آتي هنا لأصالحك أو أفعل أي شيء لإرضائك...لدي طلب
-كيسو(بتجهم) :توقعت ذلك...أنت عديم الذوق...نحن منفصلان منذ أسبوعين وليس لديك حتى بعض الوقار لتعتذر عن أخطائك وتصالحني
-سيهون:أووه عفوا...هل ستتركينني أخبرك بطلبي أم لا؟
-كيسو(بتجهم) :قل
-سيهون:أخي جين مختفي منذ أمس ومينا تخفي شيئا ما عني...أيمكنكِ سؤالها؟
-كيسو:ولماذا أفعل ذلك لأجلك؟
-سيهون:سأشتري لكِ توتي فروتي
-كيسو(بتجهم) :يالك من مستغل...تعرف نقطة ضعفي جيدا
-سيهون:هل اتفقنا إذًا؟
-كيسو:لكن ماذا لو كنت أريد شيئا آخر إضافة للتوتي فروتي؟
-سيهون:ما هو؟
-كيسو:إعتذر لأنك نعتتني بالقصيرة وبأنك أوسم مني
-سيهون:أوووف لكن هذه الحقيقة...عندما أعانقك علي الانحناء كثيرا وهذا غير مريح
-كيسو(بحدة) :ستعتذر أم لا؟
-سيهون(بتجهم) :حسنا...أعتذر
-كيسو:عن...؟
-سيهون(بتجهم) :أعتذر عن وصفكِ بالقصيرة
-كيسو:و...؟
-سيهون(بتجهم) :نعم أنا أضاهيك وسامة
-كيسو(بحدة) :هل ستعتذر اعتذارا كامل أم نلغي اتفاقنا؟
-سيهون(بتجهم) :حسنا...أنا لست وسيما لتلك الدرجة...أنتِ جميلة
-كيسو:ممتاز...هكذا انتهينا...وبالنسبة لإرضائي فلست بحاجة...دعنا فقط ننفصل انفصالا نهائي
-سيهون(بتجهم) :حسنا...هذا مريح لكلا الطرفين
ذهبت مينا متخفية لأحد الأحياء المهجورة الضيقة في سيؤول ودخلت عبر ممر صغير لتجد نفسها في جناح سري
سارت محافظة على هدوئها حتى وصلت للطاولة التي يقف عندها البائع
-مينا:مساء الخير
-مايكي:أهلا...فتاة
-مينا:أود مساعدة في إيجاد أحد قام بتغيير لوحة سيارته
-مايكي:لكن ربما تعرفين أنني لا أعمل بالمجان
-مينا:أعلم
أخرجت من جيبها حزمة من المال ووضعتها أمامه فقام بتفقدها
-مايكي:ليست مزورة...أشعر بالفضول لأعرف من أين تأتين بالمال لهذه الأمور...لا تبدين ثرية من ملابسك
-مينا:إنه عرق جبيني لسنوات ولو لم أكن مضطرة لما ضيعته هنا
-مايكي:ممتاز...دعيني أرى اللوحة
أعطته ورقة مكتوب عليها رقم السيارة التي رأتها تخطف جين في كاميرا المراقبة
-مينا:أشك أنها مزورة...وكونك من أهم مزوري لوحات السيارات في سيؤول فلا بد أنك قد تكون عملت معهم أو تعرفهم
-مايكي:صحيح...من الممكن
-مينا:متى يمكنني العودة؟
-مايكي:في المساء
ذهبت كيسو لمنزل مينا وحملت الهاتف بيدها بينما تجري مكالمة مع سيهون...طرقت الباب عدة مرات ولكن لم يرد عليها أحد
-كيسو(تفكر) :كان علي الاتصال بها قبل أن آتي
إستدارت كيسو فوجدت مينا قادمة نحوها فتوترت وكادت توقع الهاتف
-كيسو(بتوتر) :أوني! أخفتني...صباح الخير
-مينا:أليس لديكِ جامعة؟
-كيسو:لا
-مينا:أدخلي...هناك ما أود إخبارك به
دخلت كلاهما المنزل وسكبت مينا القهوة لكيسو
-مينا:أخبريني...هل تصالحتي مع سيهون؟
-كيسو:لا...نحن ننفصل في الشهر عدة مرات...لكن هذه المرة نهائية
-مينا:بالتفكير في الأمر...هو يحبك...أنتما فقط تحتاجان للكلام والتفاهم وستحلان المشكلة
تذكرت كيسو أن الاتصال مع سيهون مفتوح لذا فهو يستمع لكل شيء فحاولت إغلاق موضوع الحديث
-كيسو:لننسى أمره...كيف حالك مع جين؟
-مينا:هذا ما أود قوله لك...عديني أن لا تخبري أحدا...جين تم خطفه
-كيسو(بصدمة) :ماذا؟!
-مينا:كما أخبرتك...حياته مهددة بالخطر بسببي لذا علي إنقاذه
-كيسو:من فعلها!
-مينا:لا أحد يعلم...سأحاول التحري في الموضوع وإمساكه وحينها لن يفلت مني أبدا
فجأة سمعتا صوت الباب يطرق بقوة وسيهون يصرخ عليهما من الخارج لكي تفتحا له الباب
-مينا(بتجهم) :مالذي أصابه!
أرت كيسو لمينا هاتفها وكانت المكالمة مع سيهون مفتوحة
-كيسو(بحزن) :آسفة...الأمر طارئ وسيهون من حقه أن يكون أول من يعرف
-مينا:يبدو أنكِ لا تفهمين...لقد زدتي الطين بلة...إن حصل شيء لجين فسيهون سيكرهني طوال حياته
-كيسو:سيهون ليس من ذلك النوع...هو بالطبع لن يحملك مسؤولية ما سيحصل لجين لأنه ليس خطأك
-مينا:لا أتفق معك...لا تفتحي له الباب حتى أجد عذرا أخبره به
-كيسو:كما تريدين
صارت مينا تطوف ذهابا وإيابا بينما كيسو تراقبها بصمت...بعد دقائق من الطواف توقفت ونظرت نحو النافذة وقطبت حاجبيها
-مينا:هل يعقل أن أحدا يراقبنا؟
-كيسو:ما أدراك!
-مينا:صحيح...لا بد أنهم يستهدفون منزلي لمعرفة كل الأشخاص المقربين مني...عليكِ البقاء في مكان آمن
-كيسو:ولكن مالفائدة من اختطافي؟
-مينا:سأشرح لاحقا...لنغادر
حملت مينا حقيبة أغراض وأمسكت بذراع كيسو وشدتها ليخرجا من هناك فقابلا سيهون عند الباب
-سيهون(بحدة) :أخيرا تفتحان الباب علي...وأنتِ مينا...دعينا نتكلم
-مينا:لنذهب لمنزلك فالوضع خطير هنا
ذهب ثلاثتهم لمنزل سيهون وجين ووقفت مينا تشرح لهم الوضع
-مينا:علينا البقاء بعيدين عن نظرهم لكي لا يتعرض شخص آخر للأذى
-سيهون(بحدة) :قلت لنتكلم
-مينا:أعلم ما ستقوله لذا وفر كلامك لوقت آخر...جين سيكون هنا في غضون أسبوع
-سيهون(بتجهم) :حسنا
-مينا:إبقيا هنا وأنا سأذهب لمكان ما وأعود
خرجت مينا من هناك فبقي سيهون وكيسو يحدقان بالأرضية بتوتر...لاحظ سيهون وجود حقيبة مينا على الأريكة فاقترب منها
-كيسو:إياك ولمس أي شيء
-سيهون:أريد فقط رؤية ما يوجد بالداخل
فتح سيهون الحقيبة فوجد أغراض مينا من أسلحة وأدواة للاغتيال
-كيسو(بتجهم) :أرأيت؟ ما كان عليك فعلها
-سيهون:طوال حياتي تمنيت أن أستخدم السلاح بكل مهارة مثل الشرطة
-كيسو:ولما لم تدخل مدرسة الشرطة؟
-سيهون:لا أعلم...لم تخطر الفكرة على بالي من قبل...ليتك كنتِ هناك من قبل وأخبرتني...أظن أن الفتيات يحببن الشرطة الوسيمين لذا...
-كيسو(بانزعاج) :أيها النرجسي...ستبدأ بمدح نفسك دون انتهاء أليس كذلك؟
-سيهون:لا...كنت سأقول أنني سأحصل على معجبات كثيرات و...
-كيسو(بانزعاج) :إخرس فصوتك مزعج
-سيهون:يبدو أنكِ تغارين علي
-كيسو(ببرود) :تابع أحلامك وحين تستيقظ سأقول لك صباح الخير
عادت مينا للمكان السري الذي ذهبت إليه في الصباح والتقت بمايكي
-مايكي:تحريت عن صاحب اللوحة وفعلا كما قلتي إنها مزورة
-مينا:هل وصلت لصاحبها
-مايكي:بلى...إنه مواطن عادي
-مينا:كيف ذلك! أليس فتاة ذات نفوذ!
-مايكي:وأنا ما أدراني! هل تتوقعين أن أجد لكِ كل المعلومات اللازمة مجانا وفي ساعات قليلة؟
-مينا:حسنا...شكرا لك
-مايكي:مهلا...ربما يمكنكِ ترك رقمك لي...أحب مساعدة الفتيات الجميلات من حين لآخر
-مينا:هههههه هذه الفتاة التي أمامك لديها خطيب يحبها وتحبه
-مايكي:آااه...فهمت...لكن ربما نحتاج بعضنا
أعطاها بطاقة عمله وعليها رقمه واسمه
-مينا(بابتسامة) :حسنا...أشكرك
عادت مينا ركضا نحو منزل جين وسيهون وبقيت تلتف حولها وتراقب الجميع حتى تتأكد أنه ما من أحد يراقبها
-مينا:أنتما...لقد عثرت على أول هدف...إبقيا هنا لحين عودتي
-كيسو:أريد مرافقتك
-مينا:لا...ستعيقين طريقي فحسب
-كيسو:لا يمكنني تركك تذهبين بمفردك فالأمر جد خطير
-مينا:لقد حسمت أمري...إن مت فعلى الأقل سأموت في سبيل إنقاذ الشخص الذي أنقذ حياتي
-كيسو(بحزن) :أوني! لا تقولي ذلك وإلا سأبكي
عانقتها كيسو بحرارة وبدأت البكاء في حين أن سيهون فتح الباب صدفة ونظر لخارج الرواق فوجد رجلا غريبا يحدق به ولكنه مر مسرعا حين رآه
-سيهون(باستغراب) :هل لحق بمينا؟!
دخل سيهون بسرعة وأغلق الباب واتكأ عليه
-سيهون:هناك رجل يراقبنا
-مينا:هل اكتشفوا أمرنا!
-سيهون:ربما...لكن هذه ليست المرة الأولى التي أقابل فيها ذلك الرجل الذي يتصرف بطريقة غريبة
-مينا:هل قابلته من قبل؟
-سيهون:نعم...ذات مرة كنت...
قبل أيام:
عاد سيهون للمنزل يحمل كيسين من الأغراض وعندما وصل لباب شقته رأى رجلا غرييا يقف أمامه ويحاول اختلاس السمع من الداخل
-سيهون:هل أساعدك؟
-الرجل(بتوتر) :آه...لا...هل هذا منزلك؟
-سيهون:بلى
-الرجل(بتوتر) :يبدو أنني أخطأت العنوان...آسف
-سيهون:لا مشكلة
بعد أن غادر الرجل دخل سيهون الشقة فوجد جين يجفف شعره ولكن لم يخطر على باله أن أحدهم يتعقبه لأجل خطفه





-مينا:فقط لو كنت أعلم أن أحدهم يستهدف جين وقتها لقمت بحمايته
-سيهون:فات الأوان
-مينا(بحدة) :ولماذا لم تأتي وتخبرني أنت
-سيهون:هل ستلقين باللوم علي؟
-مينا(بحدة) :طبعا...رأيت أحدا مشكوكا بأمره يتجسس على أخيك ومررتها بسهوله؟
-سيهون:أخذت الموضوع بحسن نية...ثم أنتِ الملومة على كل شيء فقد تم اختطافه بسببك
-كيسو(بصراخ) :توقفا أنتما الاثنان...لعله يتجسس علينا الآن أيضا
-مينا:صحيح
-كيسو:لننقذ جين...جميعا معا
-مينا(بتجهم) :وهل طلب أحد موافقتي؟
-كيسو:لا يمكننا البقاء هنا فكما ترين تم وضعنا في دائرة الشبهات وقد نتعرض للخطف أيضا كوننا مقربين منك
-مينا(بتجهم) :أكره عندما تكونين محقة
-سيهون:لنفعلها...لننقذ أخي
-كيسو:أجل
حدقت بهما مينا للحظات وهي تقطب حاجبيها ثم تنهدت بقلة حيلة
-مينا:حسنا...لكن إياكما عصيان أوامري...لنركض
حملت مينا الحقيبة وركضت أولا فوجدت رجلا غريبا يتجسس عليها أمام الدرج فركضت نحوه وضربته بالحقيبة لوجهه
-مينا(بصراخ) :أركضا...الطريق آمن
ركضت كيسو أولا ولحقها سيهون ثم مينا بعد أن تأكدت أن الرجل لن يكون عائقا لهما
ذهب ثلاثتهم أولا لمحل ملابس تنكرية...إرتدت مينا معطفا طويلا وقبعة ونظارات وارتدت كيسو هانبوك (الزي الكوري التقليدي)...أما سيهون فارتدى ثيابا أنيقة ووضع نظارات وركب ثلاثتهم الميترو
-مينا:محطتنا الأولى هي حي "هونغ نا" حيث يعيش هدفنا الأول صاحب السيارة التي اختطفت جين
-كيسو:أحقا علينا التنكر هكذا؟ أعني علينا إبعاد الأنظار عنا لكننا بالعكس نجعل أنفسنا محط اهتمام
نظروا للناس من حولهم فرأوهم يحدقون بهم لأن أشكالهم غريبة حتى أن امرأة سألت كيسو "هل هو يوم الهانبوك الكوري؟" فأجابتها الأخرى بلا وحاولت التصرف بطبيعية
-مينا:لا بد أنهم يفتشون عن أشخاص يرتدون نفس الملابس التي رأونا بها اليوم لذا لن يشكوا بنا حتى لو قابلونا هنا في المترو بالصدفة