مشروع افتح قلبك : القصة الثانية عشر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك بثينة؟ آمل أن تكوني بخير
أعلم أن مشروع افتح قلبك مغلق لكن لدي عقدة أبحث عن حل لها
حدثت القصة حينما كنت بالصف الثاني متوسط...في أولى أيام الدراسة حيث لا معلمات يحضرن أو يعطين حصص والطالبات قليلات بالمدرسة...كنت أتجول بها هنا وهناك كالعادة
والتقيت يوما ما بفتاة تدعى سلمى أعرفها من الصف الخامس كانت قد انتقلت وتعرفت عليها أكثر بما أن صديقاتها لم يكن موجودات...كنا نتجول بالمدرسة ونلعب ونضحك طيلة الأسبوع الأول وحتى الأسبوع الثاني تم تقسيم الصفوف وكانت بصف أخر
حضرت صديقاتها حبيبة ولطيفة -اللاتي كن صديقاتي كذلك- ما عدا واحدة تدعى رهف...تلك الفتاة لم أتقبلها...لأنها من النوع الذي يقيم علاقات مع الأساتذة ولم أتقبلها من جراءتها الزائدة بالحديث مع الأكبر منها
لم أكن من محبي صداقة من هم بعمري فدائمًا كنت مع السنة الأكبر مني ولدي صديقات كثيرات بينهن يتفهمنني أكثر من زميلاتي بالصف
ولكن رغم هذا لم أحب البقاء مع أحد بفترة ما...كنت فقط أذهب لترتيب المكتبة المدرسية كعمل تطوعي أحببته وبالاستراحة أمشي وحيدة أو أبقى بالمكتبة
لا أعلم لماذا لكن تلك الفترة قد طالت لتكون شهر بنفس الروتين...أحضر بعض الحصص وأرتب الكتب بغيرها وأسير وحيدة بالاستراحة
في يوم ماكانت لدينا حصة فارغة قبل الإفطار فخرج صفنا وحيدًا في المدرسة للساحة وكعادتي خرجت أدور بها...كانت الفتيات عند مقصف المدرسة ببدايتها ولاحظت إحدى زميلاتي المدعوة بهناء تناديني من بداية الساحة وأنا بآخرها "يا فاطمة...تعالي يا متوحدة"
صدمت من الكلمة والبنات كلهن التفتن لجهتي يراقبنني ومن اقترابي منهن لاحظت الهمسات والنظرات التي ترمقني بشكل لم يرحني
لم أسكت على ما فعلته هناء ودفعتها للخلف وقلت "المتوحد هو من يصف الناس هكذا" وتركتها عائدة للصف
مر ذلك اليوم بطبيعية ولم تعتذر هناء مني وهو ما أزعجني...ففي السنة التي قبلها كانت دائمًا ما تطلب مساعدتي بدروس الرياضيات وأنا أساعدها بالشرح مع العلم أنها معيدة للسنة وبفضل الله نجحت لتكون معي
لم يكن هذا عملها الوحيد الذي أزعجني ففي تلك السنة كانت تأخذ ماحي أقلام الحبر خاصتي وتضعه على أظافرها أو تكتب به على المقعد لتنهيه وأحصل من هذا على توبيخ من أمي...غير أنها تأخذ مبراة مقعدي الكبيرة وتلعب بها حتى أعطبت بها جزءًا!
تلك القصة انتهيت منها بالفعل تلك السنة حين شكوتها للمعلمة وتوقفت عن أفعالها
كانت نهاية الأسبوع حين عدت للفصل والتقيت بنجوى من سنة أكبر مني...كانت مع أختي الكبرى بالصف وكانت بنفس حالتي تسير بالساحة هادئة مع مجموعة من البنات فقط لتداري نفسها حتى لا تظهر كمختلة
لا أعلم نوع الصداقة التي جمعتنا لأنها كانت غريبة...ما هو اسمها حين تكون عادة لقاءها السير متحاذيتان هادئتان بالساحة دون قول شيء؟
مع الأيام كنا هكذا وارتحت لجانبها وعادت أيامي عادية من بعد لقائها حتى جاء يوم توزيع النتائج الشهرية وحصلت على الترتيب الثالث بالسنة والثاني على الفصل
كنت سعيدة بها وفرحة...الحصة كانت فارغة كذلك اليوم -حصة قبل الإفطار فارغة- وخرجنا للساحة
كان يصادف يوم الخميس حينما خرجت للساحة كانت أمامي سلمى وحبيبة ولطيفة ورهف...كنا أول الواصلات للساحة حيث لم يكن هناك أحد...التفتت لي البنات وكانت سلمى تحمل كيسًا لكعكة ما حيث كن سيحتفلن بالساحة ولكنهن توقفن
سألتني سلمى بابتسامة "كيف حصلتِ على الترتيب الثالث؟" سؤال غبي لا؟ أجبتها مسايرة "درست وحصلت...كيف"
"لا...أقصد كيف لمجنونة أن تحصل على الترتيب الثالث؟"
قلت متحدية "من يدرس ينجح ويحصل لا من يحتفل" عبس وجهها وركلت ساقي فرددت...ركلتني مرة أخرى أقوى ففعلت وتركتها وذهبت للمقصف قبل أن يشتد الزحام ولاحظت بنات من إحدى صفوف السنة الثالثة يرجعن للفصل
لم أشعر إلا بضربة على رأسي جعلتني أجلس على الأرض أمسكه وأرى الدنيا تدور من حولي...سحبتني لأقف ودفعتني لشجرة نخيل خلفي ونزعت عني حجابي...كنت أراها وهي تضرب بكل قوتها وأنا أحاول الرد لكنني عاجزة...لولا تدخل البنات من ذلك الصف لكنت بخبر كان
لم أقدر على الوقوف باتزان حين جاءت مدرسة أدخلتنا للإدارة أنا وسلمى...وقفنا أمام المدير يسألني عن ما حدث بما أنني المتضررة أمامه فأخبرته من البداية
طلب من سلمى سببًا لما قالته فأقسمت وحلفت بالله أمام الأستاذ أنني أنا من جئت لها وقلت لها "كيف نجحتِ؟" و"لأنكِ مجنونة"!
سألني المدير عن من حضر كلامنا وسمعه فقفزت هي قائلة "رهف وحبيبة" طلب منها مناداتهن ففعلت
سألهن عما حدث فقفزت رهف قائلة "هي من جاءت وسألت سلمى عن كيف نجحت لأنها مجنونة" حاولت الاعتراض ولكن سلمى سألته "أرأيت؟ أنا من على حق"
أشارت لي تكمل "هي تكذب"
سأل حبيبة والتي قالت أنها لم ترَ شيئًا رغم أنها كانت واقفة أمامنا وحضرت كل شيء
اعترضت واعترضت...ولكن هل يعقل أن يصدق شاهدًا على اثنين؟ فتم العقاب...أعطى النائبة عصا لتضربنا ففعلت وخصم مني عشرين درجة ومنها عشرًا على شجاري بمبنى المدرسة وعلى كلامي هذا
لم أقبل هذا...كيف يقلل كرامتي وينقص من درجاتي وما جعلني أهتز يومها أنه قال "العيب على والديك اللذان لم يربياك...المجنون هو أنت"
سماعي لهذا جعل كل قوتي تنهار...عدت للصف لآخذ حقيبتي وخرجت للساحة حيث الشجرة الكبيرة...بكيت كثيرًا بالساحة قبل موعد الخروج وعدت للبيت
حينما فحصت رأسي وجدت أنه قد نزف كثيرًا واقتلع منه بعض الجلد بعد أن دفعتني على النخلة وهذا سبب ندبة به
كلمة مجنونة ليست بالهينة عليّ فمذ كنت صغيرة وأهلي ينادونني بها وأنا أكذبها ولكن إجماعهم مع البنات التي سمعتهن بعد ذلك اليوم يتحدثن عني هكذا جعلني لا أثق بمن حولي...فهم أول من كذب...وبزميلاتي...فلا أعلم أي واحدة ستنقلب عليّ وبنفسي لأنني رغم محاولاتي لإظهار براءتي لم أستطع ذلك
للآن أعاني مشاكل مع الثقة...لا أثق بالجميع وأكره أي نوع من التلامس كالمصافحات وهو ما يجعلني مضغوطة...أشعر بالاختناق فقط من عناق أحدهم لي وهو ما حدث بوفاة عمي
والمشكلة أن بعد كل شيء هو أن صوتًا ما بداخلي يخبرني أنني ظلمت سلمى وقلت لها تلك الكلمات رغم أنني لم أفعل وأنه يجدر بي الاعتذار لها...وحين حكيت لأهلي أجبروني على الاعتذار لها رغم كل ما حدث وتعويضها بمساعدتها لباقي السنة بالمدرسة
مرت تلك السنة وانقطعت علاقتي مع سلمى ورغم هذا تلك الذكريات لا تزال تلاحقني والمشاكل التي ذكرتها تعكر صفو أيامي...فلم تعد أيًا من البنات تردن مصادقتي ويحذرن مني
آسفة للإطالة ولكن طفح بي الكيل حين تم نشر هذه القصة من جديد وقد ذكرت أنني من ضربتها للبنات الجدد بالمدرسة وبدأن بالابتعاد عني وإطلاق الإشاعات علي
هل لديك حل لهذه المعضلة؟
-----------------------------
الرد:
أهلا وسهلا بك
انا بخير والحمد لله وآمل أن تكوني دائما بخير
القصة حزينة جدا وهي بلا شك تحكي عن التنمر المدرسي
بصراحة أشعر بالسعادة حين اقابل أشخاصا مثلي فأنا عشت قصتك تماما وتعرضت للتنمر وكان يتم وصفي بالمتوحدة وصفاة مزعجة كهذه وذلك لأنني لا أحب الاختلاط بالبقية
المهم...أعلم مدى صعوبة أن تكون إنسانا وحيدا دون أصدقاء لكن هذا لا يعني أنك ستبقى كذلك للأبد...صدقيني ستظهر لك صديقة مشابهة بنفس الطباع تتفقين معها وتعيشان أسعد الأيام في مدرستك الجديدة...دائما هناك أشخاص يشبهونك ولكنك لم تقابليهم بعد...حاولي فتح عينيك والتوسع على العالم من حولك
وبالنسبة لقصتك مع سلمى فأعتقد أن الغيرة هي سبب كل ما فعلته لك...هي تراك أفضل منها...رغم كونك انطوائية ووحيدة وبلا مميزات لكنك أذكى منها وأكثر تفوقا...وهي ترى نفسها ناقصة أمامك...لذا فلتعلمي أنكِ تقومين بإحراقها دون أن تحركي ساكنا عزيزتي 🤭
بالنسبة للمشكلة التي حصلت فأعتقد أن الحق على المدير وعلى صديقاتها الكاذبات...لكن صدقيني هن لن يستفدن شيئا من فعلتهن تلك وسيدفعن ثمنها سواء بالدنيا أو بالآخرة فلا تحزني فإن حقك لن يضيع بإذن الله
أما عن ما تعانينه مع ثقتك بنفسك فهو نابع منكِ أنتِ الذات...كيف تسمحين للناس من حولك بتحطيم معنوياتك؟! كوني قوية يا فتاة فمشكلتك هذه تكون أبسط مشكلة قد تواجه الإنسان في حياته...ستتقدمين في العمر وكلما كبرتِ ستدركين أن العالم لا يرحم أحدا...وأن غضبك من كلام الناس ما هو إلا سلوك طفولي وتضييع للوقت
وأنا لا ألومك بصراحة معظم الفتيات في سن المراهقة أو بداية الشباب يكن حساسات وذلك بسبب نقص خبرتهم ومناعتهم ضد الأذى الخارجي...وهذا ليس عيبا بل هو نقطة جيدة للنضوج فكلما تلقيتِ الأذى أكثر كلما صرتِ منيعة ضده أكثر
تماما مثل الإنسان الذي يحمي نفسه في بيته فعندما يدخل له لص من الشباك يحاول المرة القادمة إغلاق الشباك جيدا...والمرة التي بعدها حين يأتيه لص من المدخنة يتعلم أن يجعل المدخنة عالية وهكذا
وبالأخير عزيزتي ثقي بنفسك...صدقيني لا شيء سيدوم لك سوى الواحد الأحد ونفسك...تعلمي أن تجعلي من توحدك وانعزالك نقطة قوة لا ضعف...كونُك في حيزك الخاص ليس عيبا بل هو تفادٍ لشر الناس الذي لا يؤمن من أين يأتي
مهما وصفك الآخرون بالمتوحدة ارفعي رأسك وابتسمي لتقهريهم وقولي "نعم أنا متوحدة وأنتم اجتماعيون فماذا استفدتم من ذلك؟!"
افعلي ما يريحك وكنصيحة بالنسبة للوحدة حاولي التقرب من عائلتك فقط خاصة أمك...عن نفسي أنا متوحدة ولكن حين أكون برفقة أمي فأنا عفوية جدا وعلى طبيعتي ولا أشعر بأي وحدة...منذ مراهقتي تعلمت أن الأم هي أحسن صديق وأنها تغنيني عن الكل لذا جعلتها رفيقة دربي وحاملة كل أسراري بمعنى الكلمة
بالنهاية أتمنى أن كلامي رفع من معنوياتك قليلا...إنه فقط كلام من شخص انطوائي لآخر لذا ربما قد نفهم بعضنا
وإن كان لدى المتابعين نصيحة أو تعليق بشأن الموضوع فأتمنى أن يشاركونا به أيضا
دمتِ مبتسمة دوما
سلام
بثينة علي